محمد بدر العبد الفقير* لرحمة وعفو الله سبحانه * في كل وقت وحين. مدونة اليكترونية ادون فيها كل مايخص المحبين في الله جل جلاله .. وشرح امور حياتنا الدينيه والعامة بمفهوهما الصحيح .. توجد هذه المدونات بروابطها وبها كل مايخصنا دينيا وثقافيا واتمني ان تطلعوا عليها لان فيها مايفيدكم عن أمور ديننا ودنيتنا وثقافة عامة عن كل ماتتخيلون .. نقلته لحضراتكم ايها الأحبة في الله توفيرالوقتكم ..الدال على الخير كفاعله. ومن استطاع أن ينشر ما ننقله فجزاه الله خيرا
الأربعاء، 21 أبريل 2010
حكاية البنت سين
حكاية البنت سين
الاهرام 21/04/2010بقلم: نبيـل عـمــر
http://www.ahram.org.eg/143/2010/04/21/10/16768.aspx
هذه حكاية مثيرة جدا ومؤلمة مثل خنجر معقوف مغروس في القلب,
صادفتها في ليل القاهرة الصاخب المليء بالأسرار والخبايا والنكات السياسية اللاذعة والتوجع من الأحوال المائلة.
حكاية عن بنت من الطبقة الوسطي, وليكن اسم البنت سين وهو ليس أول حرف من اسمها, مجرد علامة لا أكثر ولا أقل.
سين فتاة في العشرين من عمرها, عود مفرود كعارضات الأزياء, وجه بريء جماله كما النهار في أوله, مكياج علي الريحة, وشعر متحرر من أي قيود تعيقه عن الهفهفة.. وهي طالبة جامعية, أبوها مهندس يشغل منصبا مرموقا في شركة عامة, وأمها باحثة وحاصلة علي درجة الدكتوراه.
وحين تصادف سين في ليل القاهرة الصاخب, لا يمكن أن تسيء الظن بها, فهي نموذج لابنة من الطبقي الوسطي المستورة المصانة من عوز الفقر وتهتك المترفين, تتحرك بخفة, تتكلم الإنجليزية وتبدو مهذبة, لكن الواقع له وجه آخر تأكله البثور والدمامل والقبح والسفالة.. فـ سين فتاة ليل من نوع خاص, ليست عضوة في شبكة ولايطلبها الزبائن بالموبايل, والمدهش أنها لاتعتقد أنها تمارس قلة الأدب وإنما هي تعيش نوعا أو فترة من تفتيح الدماغ والروشنة والروشنة, عبير حديث يجري علي ألسنة الشباب, ومعناها خليط من الفهلوة والذكاء والعصرية والشطارة, يعني إذا كان الكبار يسمون الفساد عمولة أو سبوبة فالابناء يسمونه روشنة في حدود مايعرفونه ويتاح لهم!
والسؤال الذي يصدم العقل: لماذا تنحرف سين؟!
والإجابة ضرورية, لأن انحرافها يبدو عبثيا بلا معني.
كانت أفلالم السينما زمان وحتي نهاية السبعينيات من القرن الماضي. عندما تروي حكاية فتاة ليل شريفة ترجع اسباب الانحراف الي عوامل اجتماعية ضاغطة كالفقر والعوز الشديد, وقد تنحرف شادية في زقاق المدق تحت وهم الخروج من علب الحارة الي العيش في بحبوبة, أو تسلم نيللي نفسها في نورا للطامع القبيح من أجل فلوس العملية الجراحية لاختها المريضة, أو تمشي نجلاء فتحي علي حل شعرها في أختي لتنفق عي أسرتها المحتاجة, أو يقبل حمدي أحمد أن يكون قوادا في القاهرة30 ويترك لحم زوجته سعاد حسني مباحا للباشا الوزير, ليهرب بنفسه من جحيم البطالة والملابس الرثة وهو حاصل علي ليسانس حقوق.
لكن سين وضعها شاذ, ولا أثر للعوز فيه.
قد نفكر في أسباب أسرية كإهمال الأب لها, وعدم عناية الأم بمشكلاتها بدرجة كافية وتركها وحيدة تواجه غابة المدينة المتوحشة.
قد تكون هذه الأسباب صحيحة إلي حدا ما, الأب مشغول ودائم التنقل والغياب أحيانا, والأم مستغرقة في أبحاثها ودراساتها لكنها لاتفسر امتهان الابنة الدعارة, ويستحيل أن تصلح دافعا لها, ولو من باب الانتقام من إهمال اسرتها لها.. كان يمكن أن تنحرف بشكل مختلف, أن تحب شابا مخادعا وتتزوجه عرفيا أو لا تتزوجه, أن تدخن المخدرات أو تسقط في مغامرات عاطفية متعددة أو ترتاد المراقص وعلب الليل للمتعة الشخصية, لكن أن تتجر بجسدها مقابل المال فهذا أمر آخر..
وسين حاليا علي علاقة بثلاثة رجال في وقت واحد, الأول تحبه في السر, الشاب الذي غرر بها وسقطت في حبائله تعويضا عن حنان الأم المدفون في اوراق الأبحاث, وكان هو البوابة التي عبرت منها من عالم البراءة الي كهف قلة الأدب.. وكان متساهلا معها في انحرافها التالي, حتي لايتحمل وزر جريمته معها.
والثاني رجل أعمال أحيانا تظهر صوره في الجرائد, فوق الخمسين من عمره, وعنده بنات في عمر سين وقد تعرف عليها في سهرة خاصة, أحياها مطرب مشهور تموت فيه البنات المراهقات, وهو بمثابة وزارة المالية التي تنفق عليها وتكبلها بالهدايا وقد ربطها مؤخرا يسيارة اشتراها لها بالتقسيط ويسدد لها القسط حسب دفء العلاقة لم يقل لها ذلك, ولكن بعقلية رجل السوق حسب كل شيء بأسعار السوق, فاذا تدللت أو امتنعت أو زوغت لأي سبب من الأسباب, يتعلل لها بنقص السيولة في جيبه الآن, أو نسيان دفتر الشيكات, أو غدا سأدفع, أو يغلق تليفونه المحمول فترضخ وتعود صاغرة.
وبالطبع فهمت سين قواعد اللعبة, وبدأت تعامله كما لو أنها في مهمة رسمية عليها ان تنجزها في أسرع وقت وبأقل مجهود ثم تفر إلي حياتها.. الثالث شاب ثري من هؤلاء الذين يحملون ماركة مسجلة باسم مقطع السمكة وذيلها تتظاهر أمامه بالعفة والأدب والطهر والحياء إلي درجة أنها لاتسمح له بلمس يدها.. ربما يقع في شباك الزوجية يعني مازرعه بالشمال في بنات الناس يحصده باليمين في زوجة المستقبل إذا حدث, بالقطع لا تعرف اسرة سين عن ابنتها شيئا, بالرغم من مظاهر واضحة حولها كانت تستوجب من الأب والأم ان يسألا عنها, السيارة الجديدة الهدايا, الفساتين الغالية جدا.
ربما الغفلة أو استبعاد الانحراف أو اسباب اخري هي التي جعلت تلك الأسرة المستورة لا تلاحظ التغييرات التي اصابت ابنتها وجرفتها إلي هاوية الرذيلة, فكل الناس يمكن أن تنحرف إلا نحن وأبناؤنا الوهم الذي يسيطر علينا دون أن ندرك أن الزمن يتحرك أسرع منا, وباتت الانقلابات في الأفكار والقيم تلاحق الناس كالموضة وقصة الشعر والجديد علي الإنترنت وقنوات التليفزيون, لم نعد نحن فقط الذين نربي أولادنا ولا المدرسة, يشاركنا الآن الإعلام وثورة المعلومات والعولمة والشارع والسلوك العام والنميمة والموبايل.
وسين لها صديقتان عين وميم علي نفس الطريق المعوج, من الطبقة الوسطي أيضا وهن معا يشكلن ساترا ومخزن تبريرات ضد الكشف العائلي, فإذا دخلت سين علي امها بفستان ثمنه3 آلاف جنيه فهو لقطة بـ300 جنيه استلفتها من عين أو اكتفت بـ100 من ميم تستكمل بها الثمن المطلوب, وتصدق الأم الحكاية وتطلب الصديقة وترد لها المبلغ فورا.. أما السيارة فهي بالتقسيط المريح, والمقدم من أجر عمل بعض الوقت مرشدة سياحية في شرم الشيخ أو الغردقة لمدة أسبوع, والشركة اتفقت معنا يا ماما أنها ستطلبنا مرة كل شهر!
علي هذا المنوال تسير حياة سين
فسألتها: والشاب الثري المجرب.. كيف تتزوجينه؟!
قالت: ربما هو.. ربما آخر.. عندي عربية وملابس شيك واسم عيلة..
ثم مضت في حال سبيلها.